الأطفال ذووالاحتياجات الخاصة Children with Special Needs
يُشير مصطلح " الاحتياجات الخاصة " Special Needs إلى وجود اختلاف جوهري عن المتوسط أو العادي ،وعلى وجه التحديد ، فما يُقصد بالطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ، أنه الطفل الذييختلف عن الطفل العادي Normal Child أو الطفل المتوسط Average Child من حيث القدراتالعقلية ، أو الجسمية ، أو الحسية ، أو من حيث الخصائص السلوكية ، أو اللغوية أوالتعليمية إلى درجة يُصبح ضرورياً معها تقديم خدمات التربية الخاصة والخدماتالمساندة لتلبية الحاجات الفريدة لدى الطفل، ويُفضل معظم التربويين حالياً استخداممصطلح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، لأنه لا ينطوي على المضامين السلبية التيتنطوي عليها مصطلحات العجز أو الإعاقة وما إلى ذلك (1) .
ما مقدار الاختلاف Differentiation والذي يُعتبر عنده الطفل " ذا حاجةخاصة"؟الإجابة تتوافر في تعريف كل فئة من فئات التربية الخاصة،هذا وأن آراء العاملين من ذوي الاختصاصات المختلفة قد تتباين بشأن مدى الاختلافوطبيعته، فالاختلاف المهم من وجهة نظر طبيب الأطفال مثلاً قد لا يكون كذلك بالنسبةللمربي أو العكس أو الذي يعمل في ميدان الخدمة الاجتماعية .
وما يُهمنا في هذاالصدد هو نظرة التربويين، التي تتمثل في اعتبار الطفل طفلاً خاصاً إذا كان وضعهيتطلب تعديل Modification أو تكييف Adjustment البرنامج التربوي والممارسةالمدرسية، وعلى أي حال ، فإن ما يفصل النمو الطبيعي عن النمو غير الطبيعي ليس خطاًدقيقاً وإنما واسع نسبياً لأن النمو الإنساني بطبيعته يتصف بالتباين Differentiation وفقاً لما يُعرف من الناحية النفسية بأسس الفروق الفردية Individual differences ، هذا ولا يقتصر مفهوم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، علىالأطفال المصابين بالعوق ، بل هناك أطفال آخرون من الموهوبين يندرجون تحت هذاالمفهوم .
o الأطفال غير العاديين Exceptional Childrenويندرج تعريفهم مع تعريف الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة المشارإليه آنفاً، ويُمثلون الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة غير العادية .
وهم الأفرادالذين ينحرف أداؤهم عن أداء الأفراد العاديين ، أي عن الأداء العادي (الطبيعي/أوالسوي) Normal Performance ، فيكون فوق المتوسط أو دون المتوسط بشكل ملحوظ وإلىالمدى الذي يجعل الحاجة إلى البرامج التربوية الخاصة بهؤلاء الأفراد ، حاجة ضرورية .
o الأطفال المعرضون للخطر At - Risk Childrenهمالأطفال الذين تزيد احتمالات حدوث الإعاقة أو التأخر النمائي لديهم عن الأطفالالآخرين ، بسبب تعرضهم لعوامل خطر بيولوجية أو بيئية، ومن عوامل الخطر البيولوجية Biological Risk Factors الخداج ، والاضطرابات الوراثية ، والاختناق أثناء الولادة، والأمراض المزمنة الشديدة ، هذا وتتعدد عوامل الخطر البيئية Environmental Risk Factors والتي منها تدني الوضع الاقتصادي وأثره على إضعاف بنية الصغار ، وإصابتهمبالأمراض التي تعيق نموهم الطبيعي .
فئات ذويالاحتياجات الخاصة:
وتضم كل من :
1- المعاقون ( المصابون بالعوق ) :
قال تعالى (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلينلاخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا ) صدق الله العظيم ل الأحزاب : آية 18] في الذكر الحكيم ورد لفظ " المعوقين" وهم المعاقون نتيجة لما يُعانون من إصاباتمرجعها عوامل وراثية أو خلقية أو بيئية مكتسبة ، مما يتسبب عنها قصور وظيفي جسمي أوعقلي ويترتب عن القصور أثاراً صحية أو اجتماعية أو نفسية ، تحول بين المصاب بالعوقوبين تعلم واكتساب وأداء بعض الأعمال والأنشطة الفكرية أو الجسمية التي يؤديهاالفرد العادي Normal ، بدرجة كافية من المهارة والنجاح . وقد يكون العوق جزئياً Partial أو تاماً Complete أو في نسيج أو عضو أو أكثر ، وقد يكون مؤقتاً Temperoray أو دائماً Continuing أو متناقصاً Reduced أو متزايداً Excess .
2- الموهوبون ( المتفوقون والمبدعون) :
ويندرجتحت فئات ذوي الاحتياجات الخاصة الموهوبون من أصحاب المواهب والمتفوقين ، الموهبةمن حيث الدلالة اللغوية بمعنى الاتساع للشيء والقدرة عليه، وتطلق فالموهبة علىالموهوب ، والجمع مواهب(2) ، ومن الناحية الاصطلاحية بمعنى قدرة خاصة موروثةكالمواهب الفنية3). أو يقصد بها الاستعدادات للتفوق في المجالات الأكاديمية ( الفنية ) مثل الرسم والموسيقى والشعر، ولقد توسع البعض في تحديد الموهبة من الناحيةالاصطلاحية حيث :
o يٌقصد بها النابغون في المجالات الأكاديمية وغيرها .
o يٌقصد بها التفوق العقلي والتفوق في التحصيل الدراسي .
بجانب التفوق غيرالأكاديمي ( أي في مختلف المجالات ) .
ومن سمات الموهوبين توافر الذكاء العاليوالمواهب السامية ، كما أن خصائصهم تميزهم عن أقرانهم بمستوى مرتفع يصلون إليه فيالمجالات المختلفة للحياة، كما أن هناك تعريف آخر للموهبة Talent ، حيث تُعرف علىأنها قدرة خاصة موروثة كالقدرة الرياضية أو الفنون العامة .
والطفل الموهوب Gifted Child هو الطفل الذي لا تقل نسبة ذكاءه عن 140 وهو يتميز بصفات جسميةومزاجية واجتماعية وخلقية وله ميول خصبة متعددة واقعية وإرادة قوية ومثابرة عالية ،ورغبة في التفوق الشديد وثقة بالنفس عالية ، وميول قيادية واضحة ، وتفاعلهالاجتماعي متسع(4) .
كيفية الحكم على فرد أنه من ذويالاحتياجات الخاصة ؟كيف لنا في حياتنا الاجتماعية داخل الأسرة وفيالمدرسة وفي المجتمع بصفة عامة أن نتعرف على الفرد من ذوي الحاجات الخاصة ؟الواقع هناك عدة اعتبارات للحكم على فرد معين بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة،ويُعد ذلك من الأمور الأساسية التي على أساسها وضع الفرد من ذوي الاحتياجات الخاصة،ضمن الفئات التي تحتاج إلى رعاية وتأهيل وتوجيه، ومن هذه الاعتبارات التي يجبمراعاتها ما يأتي :
1- مدى القدرة Range of Abilities
فأساس الحكم على شخص أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة ، هو مدى قدرات هذاالشخص على مزاولة عمله ، أو القيام بعمل آخر ، وفقاً لما لديه من طاقات واستعداداتتمكنه من مزاولة عمله .
o فإذا أظهر النبوغ والموهبة فيما يقوم به من عملمقارنة بمن هم في مثل عمره الزمني اعتبر آنئذ من الموهوبين .
o وإذا فقد القدرةعلى أداء العمل الذي كُلف به مقارنة بمن هم في مثل عمره الزمني ، اعتبر آنئذ منالمصابين بالعوق .
2- مدى القصور أو العوق Range of Impairment or Handicapped
فأنواع القصور التي يتعرض لها الإنسان ، ينتجعنها عاهات أو عجز ، إما أن تكون في :
o قصور في القدرات الحسية Sensational Abilities ، ويشمل هذا القصور : العوق السمعي ، العوق البصري .
o القصور العصبي Neoural .
o القصور في القوام والحركة Mofional .
o الأشكال الأخرى منالأمراض المزمنة .
3 - مدى الاضطرابات الانفعالية Emotional .
4- مدى الاضطرابات الاجتماعية Social .
الــــعــــوق
تمهيد :
لاستكمالالتعريف الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة ، علينا أن نوضح المفهوم الإجرائي للمصابينبالعوق ، والذين يتسم سلوكهم بالعجز عن ممارسة الأنشطة الحياتية ، كغيرهم منالأسوياء نتيجة للإصابة الحركية أو الحسية أو السلوكية أو الاجتماعية للظاهرةالمراد دراستها ، والتعريف الإجرائي Operational يُعد ضرورة، عند التعريف والتجريبالعلمي من الناحية الإجرائية حتى يمكن تعريف المصابين بالعوق ، ومن ثم فإن :
المصابين بالعوق ( المعاقون ) :
هم الذين يتسمونبأنهم أفراد من الناحية العمرية ، إما أن يكونوا أطفالاً أو شباباً أو متقدمين فيأعمارهم ، ويُصنفون على أنهم غير عاديون ، أي شواذ أو غير طبيعيين ، عند المقارنةبمن هم في مثل أعمارهم الزمنية وجنسهم ، كما أنهم غير متوافقين ، أي يُعانون من سوءالتكيف نتيجة لحالتهم الصحية ، أو النفسية ، أو العقلية ، أو الاجتماعية غيرالعادية ، وإنهم يعانون من قصور وظيفي Functional Impairment يترتب عنه إعاقة جسميةعضوية حسية ، أو حركية ، أو إعاقة عقلية ، أو انفعالية أو اجتماعية .
العوق Disability
وهو ما يترتب عنه العجزوالقصور في الأداء غير العادي للمصاب بالعوق ، ويُحد من أعماله وأنشطته الجسميةوالعقلية . ويكون نتيجة لمسببات وراثية Congential ( أي خلقية أو ولادية أو أساسية) أو يكون نتيجة لمسببات بيئية Environmental ( أي مكتسبة أو ثانوية )، ويترتب عنهأثاراً صحية ، أو نفسية ، أو انفعالية ، أو اجتماعية ، تحول بين المصاب بالعوق وبينأدائه وتعلمه للأعمال والأنشطة في حياته اليومية الجسمية أو العقلية التي يؤديهاالفرد العادي ( والذي هو في مثل عمره الزمني ) بدرجة من الكفاءة والمهارة والنجاح .
مظاهر العوق Features of Disability :
إماأن تكون :
o جزئي Partial .
o تام Complete .
o مؤقت Temporary .
o دائم Permanent .
o متناقص Reducible .
o متزايد Excessive .
الأسباب الرئيسية لحدوث العوق :
الأفراد منذوي الاحتياجات الخاصة ، يختلفون عن الأفراد العاديين . والتباين والاختلاف يمكنملاحظته من الأداء المستمر أو المتكرر ، وهو أداء يظهر منه الإخفاق في القدرة علىالتكيف والنجاح عند ممارسة الأنشطة الأساسية التربوية والشخصية والاجتماعية .
وللحكم على فرد بأنه مُعاق ، وأنه يُعاني من إعاقة معينة ، يجب أن نُميز بينالمفاهيم التي تستخدم عندما نحدد تصنيف ذوي الحاجات الخاصة ، حيث تتداخل المصطلحاتالخاصة بأحداث الإعاقة ، التي تحدث في العادة في المراحل التالية ، حيث اقترحت هيئةالصحة العالمية WHO ما يحدث للفرد قبل أن يُصبح معوقاً :
1- الإصابة Impairment :وهي الأساس لحدوث العامل المسبب للإعاقة ، وتعنيفقدان أو شذوذ ( عن الطبيعي أو العادي ) وهي إما دائمة أو مؤقتة ( أي مرحلية ) ،تُحدث قصوراً أو نقصاً في أحد الجوانب النفسية أو العقلية أو الجسمية ( الفسيولوجيةأو البيولوجية) للفرد، والإصابة قد تكون ولادية ، أي تكون عبارة عن نقص أو عيب خلقي، أو قد تحدث بعد الولادة نتيجة مؤثرات بيئية يترتب عليها اضطراب ( خلل ) فسيولوجيأو بيولوجي أو لادي (الصفات الوراثية ) ، أو نفسي ، ونتيجة لذلك ما قد يحدث حالةمرضية .
2- الحالة المرضيةPathologicalState :وهي التي تنجم من المرحلة الأولى ، وتؤثر على الحالة الصحية للفرد ، حيث تبدوعليه مجموعة من العلامات أو الأعراض ، ويُصبح الفرد واعياً بهذه الأعراض، وعندئذيقال إنه يمر بحالة مرضية .
النسبية عند توصيف العوق Proportion or Comparative :
هل أنماط الإصابة بالعوقواحدة ؟ أم هناك تباين نسبي بين ذوي الحاجات الخاصة ؟الواقع هناكالنسبية عند توصيف المعوق والنسبية - مبدأ النسبيَّة : تعني تكافؤ صيغ القوانينالفيزيقية كيفما اختلفت حركات الراصدين لها ، أو كيفما اختلفت حركات المراجع التيتستند تلك القوانين إليها ، " ونظرية النسبية " : هي النظرية التي يتوصل فيها علىأساس مبدأ النسبية إلى معرفة ما تقضي إليه من نتائج(5) ، والنسبية أو القياسية هيعكس اللا تناسب أو غير المتناسبة Disproportion.
والنسبية في اللغة : تعنيإيقاع التعلق أو الارتباط بين شيئين ، بمعنى التماثل بين علاقات الأشياء أوالكميات(6) ووفقاً للقيم والاتجاهات الاجتماعية التي أساسها المعايير الثقافية (الحضارية) Cultural Norms والتي من خلالها يوصف الفرد بأنه مصاب بالعوق، فالفردالمُصاب قد يُصنف على أنه من المصابين بالعوق في مجتمع، وفي ذات الوقت غير معاق فيمجتمع آخر، ومن أمثلة النسبية للعوق ما نراه من عيش بعض مرضى الجذام Leprosy بصورةطبيعية عادية بين أفراد أسراهم ، ويتقبلهم المجتمع تقبلاً تاماً ، بينما في مجتمعاتأخرى ، يُعزلون في مخيمات أو مؤسسات خاصة . وعلى هذا لا تكون النظرة في المجتمعالأول للفرد على أنه معاق، بينما يعتبره المجتمع الثاني معاقاً (7) .
كما تجدرالإشارة إلى أنه وفقاً للعوائق الاجتماعية ( النظرة السلبية تجاه المعاق) ، أوالطبيعية ( كالحواجز المعمارية) ، والتي تحد من قدرة المصاب بالعوق على الاستجابةلمتطلبات البيئة والتي- عادة- تختلف من مجتمع إلى آخر ، وهي العوائق التي تُحددالنسبية عند توصيف العوق ، فقد يُعتبر - عندئذ - الفرد من المصابين بالعوق فيالمجتمع ، ولا يُعتبر كذلك في مجتمع آخر . بل قد يُعتبر الفرد من المعاقين في موقف، ولا يُعتبر معاقاً في موقف آخر، ولذلك ذهب البعض إلى القول بأنه لا يوجد فرد معاق، بل هناك مجتمع معاق -القريوتي وآخرون(
عن ارمز وهامرمان Warmas & Hammerman (9) .
كما يعتبر التقدم أو التخلف الذي تُعاني منه بعض الأمم ، أساساً من أسسالنسبية في انتشار العوق . فرغم أن الدول المتقدمة تُعاني من مشكلة العوق ، مثلماتعاني منها الدول النامية ، إلا أن ذلك يتم بصور ونسب ملامح مختلفة ، فالعوق فيالدول النامية له مسببات متعددة ، الأمر الذي يجعل النسبية في توصيف العوق في هذهالدول ، تختلف في طبيعتها عن الدول المتقدمة . فطبيعة وظروف مجتمعات الدول النامية، تُشكل مسببات وعوامل تدفع إلى الإصابة بالعوق منها :
o قلة المواردالاقتصادية وضعف مستواها .
o البطالة وتفشي الأمية .
o انخفاض مستوى الوعيبصفة عامة .
o انتشار الأمراض بنسبة أعلى مما هو عليه الحال الصحية في الأممالمتقدمة.
كل ذلك يكون سبباً في تنمية الشخصية السلبية الخاضعة ، سهلة الانقياد، والضعيفة في مواجهة المواقف الصعبة في الحياة .. بدلاً من تنمية الشخصيةالإيجابية - كما هو الحال في الدول المتقدمة - ولعل هذا ما يؤكد أن النسبية فيتوصيف العوق في الدول النامية ، أعلى من معدلها مقارنة بالدول المتقدمة نتيجةلمسببات التخلف في الدول النامية .
اعداد /منى بنت صالح